سورة النساء - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} معناه واستوصوا بالوالدين إحساناً.
{وَبِذِي الْقُرْبَى} هم قرابة النسب من ذوي الأرحام.
{وَالْيَتَامَى} جمع يتيم وهو من مات أبوه لم يبلغ الحلم.
{وَالْمَسَاكِينِ} جمع مسكين وهو الذي قد ركبه ذل الفاقة والحاجة فيتمسكن لذلك.
{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} فيه قولان:
أحدهما: بمعنى ذي القرابة والرحم وهم الذين بينك وبينهم قرابة نسب، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: يعني الجار ذي القربى بالإسلام.
{وَالْجَارِ الْجُنُبِ} فيه قولان:
أحدهما: الجار البعيد في نسبه الذي ليس بينك وبينه قرابة، وهو قول ابن عباس ومجاهد.
والثاني: أنه المشرك البعيد في دينه.
والجنب في كلام العرب هو البعيد، ومنه سُمي الجنب لاعتزاله الصلاة حتى يغتسل، قال الأعشى بن قيس بن ثعلبة:
أتيت حُريثاً زائراً عن جنابةٍ *** فكان حريث في عطائي جامداً
{وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الرفيق في السفر، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
والثاني: أنها زوجة الرجل التي تكون في جنبه، وهو قول ابن مسعود.
والثالث: أنه الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك، وهو قول ابن زيد.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كُلُّ صَاحبٍ يَصْحَبُ صَاحِباً مَسْئُولٌ عَنْ صَحَابَتِهِ وَلَوْ سَاعةً مِن نَّهَارٍ». وروى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خَيرُ الأَصْحَابِ عِندَ اللَّهِ خَيرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيرُ الجيرانِ عِندَ اللَّهِ خَيرُهُمْ لِجَارِهِ».
{وَابْنِ السَّبِيلِ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه المسافر المجتاز مَارّاً، وهذا قول مجاهد، وقتادة، والربيع.
والثاني: هو الذي يريد سفراً ولا يجد نفقة، وهذا قول الشافعي.
والثالث: أنه الضعيف، وهو قول الضحاك.
والسبيل الطريق، ثم قيل لصاحب الطريق ابن السبيل، كما قيل لطير الماء ابن ماء. قال الشاعر:
وردت اعتسافاً والثريا كأنها *** على قمة الرأس ابن ماءٍ مُلحقُ
{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني المملوكين، فأضاف الملك إلى اليمين لاختصاصها بالتصرف كما يقال تكلم فُوك، ومشت رجلُك.
{إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} المختال: من كان ذا خيلاء، مفتعل من قولك: خالَ الرجل يَخُول خُيلاء، وخالاً، قال العجاج:
والخال ثوب من ثياب الجهال *** والدهْرُ فيه غَفْلةٌ للغفال
والفخور: المفتخر على عباد الله بما أنعم الله عليه من آلائه وبسط عليه من رزقه.


{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} فيهم قولان:
أحدهما: أنها نزلت في اليهود، بخلوا بما عندهم من التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكتموه وأمرواْ الناس بكتمه. {وَيَكْتُمُونَ مَآ ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ} يعني نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول مجاهد، وقتادة، والسدي.
والثاني: يبخلون بالإنفاق في طاعة الله عز وجل ويأمرون الناس بذلك، وهو قول طاووس، والبخل أن يبخل بما في يديه، والشح أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآْخِرِ} فيهم قولان:
أحدهما: أنهم اليهود، وهو قول مجاهد.
والثاني: هم المنافقون، وهو قول الزجاج.
{وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قَرِيناً} القرين هو الصاحب الموافق، كما قال عدي بن زيد:
عن المرءِ لا تسأل وأبصر قرينه *** فإن القرين بالمقارن مُقتدي
وأصل القرين من الأقران، والقِرن بالكسر المماثل لأقرانه في الصفة، والقَرْن بالفتح: أهل العصر لاقترانهم في الزمان، ومنه قَرْن البهيمة لاقترانه بمثله.
وفي المراد يكون قريناً للشيطان قولان:
أحدهما: أنه مصاحبِهُ في أفعاله.
والثاني: أن الشيطان يقترن به في النار.


قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} أصل المثقال الثقل، والمثقال مقدار الشيء في الثقل. والذرة: قال ابن عباس هي دودة حمراء، قال يزيد بن هارون: زعمواْ أن هذه الدودة الحمراء ليس لها وزن.
قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} وشهيد كل أمة نبيُّها، وفي المراد بشهادته عليها قولان:
أحدهما: أن يشهد على كل أمّته بأنه بلغها ما تقوم به الحجة عليها، وهو قول ابن مسعود وابن جريج، والسدي.
والثاني: أن يشهد عليها بعملها، وهو قول بعض البصريين.
{وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيداً} يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهادة على أُمته، روى ابن مسعود أنه قرأ على رسول الله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيداً} ففاضت عيناه صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} فيه قولان:
أحدهما: أن الذين تمنوه من تسوية الأرض بهم، أن يجعلهم مثلها، كما قال تعالى في موضع أخر {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً} [النبأ: 40].
والثاني: أنهم تمنواْ لو انفتحت لهم الأرض فصاروا في بطنها.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10